الصيـام
تعريفه
الصيام لغةً: الإمساك.
وشرعًا: التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
منزلته وحكمه ومتى فرض
صوم رضمان ركن من أركان الإسلام وفريضة فرضها الله على عباده. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (1)، وقال ـ صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس" (2) وذكر منها صوم رمضان.
وقد فرض صوم رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وقد صام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسع رمضانات.
فضله
للصوم فضل عظيم وثواب جزيل مضاعف؛ فقد جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم يضاعف؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف" قال الله عز وجل: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" (3). وقد أضاف الله الصوم إليه تشريفًا وتعظيمًا.
حكمة مشروعية الصوم
من أبرز حكم الصوم ما يلي:ـ
1 ـ أنه يحقق تقوى الله في الاستجابة لأمره والانقياد لشرعه.
2 ـ يعود النفس على الصبر، ويقوي الإرادة في التغلب على الشهوات.
3 ـ يذكِّر بالفقراء.
4 ـ يحفظ الصحة.
شروط وجوبه
يشترط لوجوب صيام رمضان أربعة شروط هي:
1 ـ الإسلام؛ فلا يجب على الكافر.
2 ـ البلوغ؛ فلا يجب على الصغير، ولكن يؤمر به الصبي إذا أطاقه ليتعود عليه.
3 ـ العقل؛ فلا يجب على مجنون.
4 ـ القدرة على الصوم؛ فلا يجب على العاجز عنه.
ثبوت شهر رمضان
يثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين:
1 ـ رؤية هلال رمضان، فإذا رُؤي الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإنه قد دخل بذلك شهر رمضان.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين" (1).
2 ـ إكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا، إذا لم يُرَ الهلال بعد غروب الشمس ليلة الثلاثين من شعبان، أو حال دون رؤيته غيم أو غبار أو دخان، للحديث السابق: "فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين".
نية الصوم في الفرض والنفل
يجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب، ولا فرق بين أن ينوي أول الليل أو وسطه أو آخره.
ولا يجب ذلك في صوم النفل بنية من النهار إن لم يكن قد تناول مفطرًا؛ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل عليّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم فقال: "هل عندكم من شيء؟" فقلنا: لا، قال: "فإني إذًا صائم" (2).
نية الصوم في الفرض والنفل
يجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب، ولا فرق بين أن ينوي أول الليل أو وسطه أو آخره.
ولا يجب ذلك في صوم النفل بنية من النهار إن لم يكن قد تناول مفطرًا؛ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: دخل عليّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم فقال: "هل عندكم من شيء؟" فقلنا: لا، قال: "فإني إذًا صائم" (2).
الأعذار التي تبيح الفطر في رمضان
1 ـ المرض
فيباح الفطر لمريض يتضرر بالصوم، ويجب عليه القضاء إذا شفي.
2 ـ السفر
فيباح الفطر للمسافر الذي يحل له قصر الصلاة وعليه القضاء متى انقطع سفره.
ودليل جواز فطر المريض والمسافر ووجوب القضاء عليهما، قوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ) (1).
5 ـ العجز عن الصوم
فالعاجز عن الصوم لكبر سنه، أو مرض لا يرجى شفاؤه منه، فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا للآية السابقة.
مفسدات الصيـام
1 ـ الأكل والشرب في نهار رمضان لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ) (1).
فمن أكل أو شرب في نهار رمضان مختارًا عامدًا ذاكرًا لصومه من غير عذر فقد فعل إثمًا مبينًا، وارتكب جرمًا عظيمًا، وفسد صومه.
2 ـ الجِماع لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُم) (2) والرفث: الجِماع.
وفي حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن أعرابيًّا جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: هلَكتُ قال: "وما أهلكَك"؟ قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان، قال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟" قال: لا. قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟" قال: لا. قال: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا؟" قال: لا. ثم جلس فأُتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعرق فيه تمر فقال: "تصدَّق بهذا.." الحديث (3). وهو أكبر مفسدات الصيام وأشدها عقوبة.
3 ـ وصول شيء إلى الجوف عن طريق الفم والأنف.
4 ـ تعمد التقيؤ؛ فمن استقاء أي استفرغ ما في معدته من الطعام عمدًا فقد أفطر.
5 ـ إخراج المني بفعله.
6 ـ الحجامة: وهي إخراج الدم من الجسد بآلة خاصة، ويفطر بها الحاجم والمحجوم؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمحجوم" (4).
حكم من فعل شيئًا من هذه المفسدات
1 ـ من فعل شيئًا من المفطرات السابقة ناسيًا أو جاهلاً أو بغير قصد فصيامه صحيح؛ لقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخطَأنَا) (1)، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم: "مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه"(2)، فمن أكل أو شرب ناسيًا فصومه صحيح.
2 ـ من فعل شيئًا من هذه المفطرات مختارًا عالمًا ذاكرًا من غير رخصة شرعية فقد فسد صومه، وأثِم بفعله، وعليه التوبة إلى الله وقضاء الصوم. وإن كان بجماع فعليه مع ذلك الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
استخدام الإبر للصائم (3)
الإبر نوعان هما:
1 ـ الإبر التي تغذي الجسم، وهذه تفطر؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب.
2 ـ الإبر غير المغذية، مثل: إبر البنسلين ونحوها، وهذه لا يفطر بها الصائم؛ لأنها ليست أكلاً ولا شربًا ولا بمعناهما.
استخدام البخار
يستخدم البخار لمن عندهم ضيق في التنفس من أجل توسيع الشعب الهوائية في الرئتين أو ترطيبها، ولا يفطر به الصائم إذا فعله أثناء النهار، لكن الأولى اجتنابه إن أمكن تأجيله إلى الليل.
سحْب الدم
لسحب الدم حالتان:
1 ـ إذا كان الدم المسحوب من الصائم كثيرًا؛ مثل الدم الذي يحصل به التبرع فإنه يفطر؛ لأنه يؤثر على البدن مثل الحجامة، والحجامة من المفطرات.
ولا يجوز للصائم أن يتبرع بالدم في نهار رمضان إلا لضرورة.
2 ـ إذا كان الدم المأخوذ من الصائم قليلاً، مثل سحب الدم للتحليل بإبرة واحدة ونحوها، فلا يضرّ ولا يفطر به الصائم.
حقن الدم
إذا حُقن الدم في الصائم، مثل أن يحصل معه نزيف فيحقَن به دم؛ فإنه يفطر بذلك؛ لأن الدم هو خلاصة الغذاء.
من أفطر شاكًّا في غروب الشمس
لا يجوز للصائم أن يفطر إلا إذا تأكد من غروب الشمس؛ لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأَسوَدِ مِنَ الفَجرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ) (1)، فلو أفطر وهو شاكٌّ في غروب الشمس ثم تبين له أنها لم تغرب حين فطره فإنه يقضي ذلك اليوم؛ لأن الأصل بقاء النهار.
وإن أكل أو شرب وهو شاكّ هل طلع الفجر أو لا، فصيامه صحيح؛ لأن الأصل بقاء الليل.
قضـاء صـوم رمضـان
حكمه
يجب على مَن أفطر في نهار رمضان بعذر أو بغير عذر، أن يقضي الأيام التي أفطر فيها، إلا إن كان عاجزًا عن الصيام.
ويستحب أن يبادر إلى قضاء الصوم، وأن تكون الأيام متتابعة إذا كان عليه أكثر من يوم، ويجوز تفريقها.
تأخير القضاء
للمفطر أن يؤخر القضاء إلى ما قبل رمضان الآخر؛ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "كان يكون عليَّ صيام من شهر رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان" (1).
فإن أخّره إلى رمضان آخر لعذر، فلا إثم عليه ويجب عليه القضاء فقط، وإن أخّره حتى أدركه رمضان الآخر لغير عذر، فإنه يحرم عليه ذلك، وعليه التوبة وأن يقضي ويطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد.
حكم من ترك القضاء حتى مات
من ترك القضاء حتى مات فإن كان لعذر فلا شيء عليه؛ لأنه لم يفرِّط، وإن كان لغير عذر؛ فإنه يُطْعَم عنه لكل يوم مسكينًا واحدًا.
حكم صوم التطوع لمن عليه قضاء
من كان عليه قضاء من رمضان فإنه يبدأ بالقضاء قبل التطوع؛ لأن الفرض مقدم. لكن لو صام تطوعًا قبل أن يقضي جاز له ذلك، خاصة إذا كان الصوم مما له فضيلة تفوت، كيوم العاشر من محرم، ويوم عرفة وغيرهما؛ لأن وقت القضاء موسع.
منقوووووووووووووول
أرجوا أن تستفيدوا واتمنى لكم صياما مقبولا وافطارا شهيا (((ابغى ردودكم)))